موقف مايكروسوفت من لينكس والمصدر المفتوح
كما يعرف الجميع، منافس نظام لينكس (Linux) الأول هو مايكروسوفت (Microsoft) ونظام تشغيلها ويندوز (Windows)، ولهذا من المتوقع أن تكون العلاقة بينهما تتمثل بطابع من العداوة؛ وبالفعل هكذا كان الحال، حيث كانت مايكروسوفت في السابق العدو الرئيسي لـLinux وحركة المصدر المفتوح، ولكن هل هكذا هو الحال في يومنا هذا؟
لإنعاش الذاكرة، “البرمجيات مفتوحة المصدر” ترمز إلى البرامج التي يتم نشر الأكواد البرمجية الخاص بها للعامة، وتكون متاحة للجميع لغاية الشفافية، وكذلك لإمكانية تطويرها من قبل المجتمع أو تعديلها وإعادة نشرها بحرية، وما قد يكون أشهر مثال على البرمجيات مفتوحة المصدر والمشروع الرائد في حركة المصدر المفتوح هو نظام التشغيل Linux.
على مر السنين، حوّلت Microsoft علاقتها مع البرمجيات مفتوحة المصدر ومجتمع Linux. كان هذا التحول تطورًا مهمًا في صناعة التكنولوجيا، حيث جمع بين، ما كان يبدو على أنه قوتين متعارضتين، وساعد في دفع الابتكار والتعاون.
حيث أن Microsoft وفي بداية القرن الحالي، كانت ترى مجتمع المصدر المفتوح كتهديد على نموذج العمل المبني على التراخيص الذي تعتمده الشركة، حتى أن المدير التنفيذي في ذلك الوقت، نعت Linux بالـ"سرطان"، وقيام الشركة باحتكار العديد من براءات الاختراع واستغلالها في رفع الدعاوي القضائية، والتي كانت غالبًا ما كانت تنتهي بالخسارة، ضد الشركات التي تتبنى وتدعم البرمجيات المفتوحة المصدر.
ولكن وعبر الزمن، بدأت Microsoft بتغيير نظرتها للأمور، واعترفت بأن البرمجيات مفتوحة المصدر يمكن أن تكون أداة قيمة لدفع الابتكار ودعم نمو الأعمال. ومن خلال تبني البرمجيات مفتوحة المصدر، تمكنت Microsoft من الاستفادة من خبرة وإبداع مجتمع المصادر المفتوحة العالمي، كما تمكنت من المساهمة في تطوير ونمو مشاريع مفتوحة المصدر.
كان أحد أهم الأمثلة على احتضان Microsoft للبرامج مفتوحة المصدر هو تقديمها لمساهمات كبيرة في مشروع Linux ، حيث قامت في مرات عديدة بإضافة أكواد لتطوير وإضافة مميزات عديدة للنظام منها تعزيز التعامل مع الشبكات والأمان. كما أنها أصدرت نظام WSL والذي يتيح للمطورين تشغيل Linux بشكل مُضمّن داخل Windows ، مما يسهل إنشاء التطبيقات التي يمكن نشرها عبر منصات متعددة.
وبالطبع لا يمكن أن ننسى أكبر بصمة لـMicrosoft في مجتمع المصدر المفتوح، حيث أنها قبل عدّة سنوات بشراء منصة GitHub وأكبر منصة الاستضافة البرمجيات مفتوحة المصدر في العالم. وقد واصلت الشركة بالاستثمار في GitHub وقدمت مساهمات كبيرة لمشاريع مفتوحة المصدر المستضافة عليه. قامت الشركة أيضًا بفتح المصدر للعديد من مشاريعها الخاصة.
وبالإضافة لكل هذه المساهمات من طرف Microsoft فهي أيضًا عضو في شبكة الاختراع المفتوح (OIN)، وهي عبارة عن مجموعة من الشركات التي تشارك براءات الاختراع وتراخيص الملكية الفكرية مع بعضها البعض مع الاتفاق على عدم فرضها على Linux والأنظمة المبنية عليه.
بشكل عام، الصورة في عقول البعض عن وجود عداوة بين Microsoft وLinux ربما كانت صحيحة يومًا ما، ولكن اليوم، الحال على خلاف ذلك تمامًا، حيث أن Microsoft تعتبر شركة رائدة في دعم مجتمع المصدر المفتوح، وتستمر في دعم موقفها هذا باستمرار عبر السنين سواءً بأمور بسيطة كفتحها لمصدر برنامج “الآلة الحاسبة” الخاص بها أو تصرفات ذات تأثير عالمي كاستحواذها على أكبر منصة مستضيفة للبرمجيات مفتوحة المصدر ومشاركتها في في شبكة الاختراع المفتوح بأكثر من 60,000 براءة اختراع. على شركات التكنولوجيا التعلم من ماضي Microsoft وأخذها كقدوة واستنتاج أن الحرب ضد المصدر المفتوح خاسرة.